هذا الموقع عربون وفاء للاديب محمد زهير الباشا الذي أهدى الأدب المهجري دراسة بعنوان: شربل بعيني ملاح يبحث عن الله

رفيق غنوم يكتب عن محمد زهير الباشا



أديبنا السوري الكبير محمّد زهير الباشا، يُعتبر من أهمّ الذين كتبوا عن أدب شربل بعيني، إذ أنه أوّل من أعدّ دراسة أدبيّة عن شعره في عالـمنا العربي، وأطلق عليها إسم شربل بعيني ملاّح يبحث عن اللـه..

واعتبرت "فاتحة" الإلتفات إلى أدبنا المهجري في أستراليا.وللباشا، بالإضافة إلى دراسته عن شربل، مؤلّفات عديدة أذكر منها:

1ـ شعر حسّان بن ثابت الأنصاري.

2ـ خيوط من رماد.

3ـ من تحت لتحت.

4ـ المتنبّي يجلو مقلتي نسر.

5ـ العصفور الجريء.

6ـ أرأيت الذي؟.

7ـ سيوف لا تعرف الهزيمة.

وغيرها.

وقد لا أغالي إذا قلت إن ما من أديب ألّف كتاباً عن أديب آخر، وعزفت له الموسيقى، وقرعت الطبول، وأقيمت المعارض الفنيّة والأدبيّة، وألقيت الخطب والقصائد، كما حصل للباشا في "يوم محمد زهير الباشا" التاريخي، الذي أحيته الجالية العربيّة في مدينة سيدني، بدعوة من أبناء مجدليا المقيمين والمغتربين، يوم الثلاثين من حزيران 1989، تكريماً له على تلك الدراسة الرائعة. كما أن وسائل الإعلام، المسموعة والمقروءة، في الوطن والمهجر، لـم تغطِّ خبراً أدبياً كما غطت خبر ذلك اليوم المجيد.

ويكفي أن أذكر أن جريدة صدى لبنان لصاحبها الأستاذ جوزاف بو ملحم، قد أصدرت ملحقاً خاصاً في 11/7/1989، نشرت فيه كل الكلمات والقصائد التي ألقيت، بالإضافة إلى العديد من الصور والتعليقات.ولنعرف أهميّة ذلك اليوم أنقل بعض ما كتبه الأستاذ أنطونيوس بو رزق في مقدّمة الملحق:"30 حزيران، لا أدري ماذا أسمّيه. أهو يوم الأديب محمد زهير الباشا؟.. أم يوم المغترب اللبناني في أستراليا؟

والحق.. إنه يوم الأديب الباشا، ويوم الشاعر شربل بعيني، ويوم المغترب الأسترالي. إنه يوم الأدب والشعر.لقد كان يوماً أدبيّاً مهجريّاً بكل معنى الكلمة، حيث ضاقت صالة "تاون هول ـ غرانفيل، على وساعتها، بحشد غفير فاق كل تقدير وتوقّع، كما حضرته غالبيّة الوجوه الأدبيّة والفنيّة والصحفيّة والإجتماعيّة من أبناء الجالية".

وأعتقد أن الحشد الغفير الذي فاق كل تقدير وتوقّع، ناهز الآلاف من أبناء الجالية. منهم من زار المعارض الفنيّة والأدبية، ومنهم من استمتع بالحفلات الغنائيّة، ومنهم من استمع إلى القصائد والكلمات التي ألقاها العديد من أرباب الكلمة في مهجرنا هذا. إنه يوم كامل.. بدأ مع إشراقة الشمس، وانتهى مع بداية يوم آخر. فمن، بربّكم، يقدر أن يحصي الناس في يوم طويل كهذا؟.

وفي هذا اليوم المجيد، أعلن مختار بلدة مجدليا يومذاك، السيّد الياس ناصيف أبي خطّار، أن التفكير يدور حول وضع اليد العامّة على البيت الذي ولد فيه الشاعر شربل بعيني، ليتحوّل إلى متحف يضمّ نتاج شربل وكافة أدباء المهجر. وأعتقد أن البيت كان قد تحوّل إلى متحف منذ سنوات، لولا كثرة الوارثين له.. ومن منّا لـم يعان الأمريّن من جرّاء إتمام أوراق حصر الإرث بعد وفاة الأهل، وما شابه.

ومع ذلك فالفكرة بدأت تختمر أكثر وأكثر في عقول العديد من مثقفي بلدة مجدليا، الذين يؤمنون أن نداء مختارهم التاريخي يجب أن ينقلب إلى واقع مفرح.صحيح أن الباشا أصبح مغترباً مثلنا، يعيش الآن في الولايات المتحدّة الأميركية، ويحمل في عطلة نهاية الأسبوع يافطته الشهيرة "أطلقوا سراح إبني"، ويتظاهر لوحده أمام مركز الأمـم المتحدة وحقوق الإنسان. ولكنه عندما كتب دراسته عن شربل كان يعيش في العاصمة السوريّة دمشق، ولهذا، أخذت الدراسة عمقها ووهجها وعظمتها. وبسبب هذا العمق الأدبي وهذا الوهج وهذه العظمة، منحته رابطة إحياء التراث العربي في أستراليا جائزة جبران العالميّة لعام 1989.رسائل الباشا إلى شربل كثيرة، وأكثر مما تتصوّرون، لذلك سألجأ إلى لعبة مسليّة كنت ألعبها وأنا صغير، وصوتي يملأ شوارع "إدلب": أنا أعمى ما بشوف، أنا ضرّاب سيوف"، والرسالة التي تقع عليها يدي سأختار منها بعض الفقرات.

وصدّقوني أن أول رسالة وقعت بين يديّ، كانت آخر رسالة أرسلها الباشا بتاريخ 24/2/2001، وفيها يهنّىء شربل بإمارة الأدب فيقول:" مبارك لك صكّ إمارة الأدب، وحماك الربّ من صكوك الحسد والوشاية وغدر الزمان".وهناك رسالة مؤثرة جدّاً، كان قد أرسلها لشربل بتاريخ 26/12/2000، وفيها يأتي على ذكر ولده الغائب بين الأرض والسماء، فلنقرأ:"بالمناسبة، لـم يفرج بعد عن ولدي محمد ريـم، ولـم يكن إسمه بين أسماء الّذين أفرجوا عنهم، وتعدادهم 600.. والباقي من مسجوني الرأي لـم تبت السلطة بأمرهم، ولا ندري عددهم، وهل بينهم إبني.. واللـه أعلم".كلام كهذا، يخبرنا أن الكلفة بين الباشا وشربل قد رفعت تماماً، وأصبح كل واحد منهم يشكو همّه للآخر، شخصيّاً كان أم أدبيّاً.. وهذا ما يعطي لرسائلهما نكهة إنسانيّة قلّما نجدها في رسائل الأدباء.عندما علـم الباشا بزواج أخيه الأعز شربل، أرسل له بتاريخ 10/10/1994، بطاقة تهنئة فيها كل الفرح والمرح، وفيها أيضاً تلميح عن قصيدته الشهيرة قرف:

"تحيّة ربيعيّة ملأى بالرياحين المبتسمة على شفاهكم، وهي كنز دائـم لحل دائـم، وصبر كان قد زرع ليوم تتويج المحبّة على أحلام استمرّت سنوات، لتأتي فوّارة مع الربيع، مزهرة مع الندى. لا أستطيع أن أحلّق مع أحلامكم وأمنياتكم، فالمفاجأة بروعتها جعلتني أقول مغالطاً: من صدّق الشاعر أنه تاب؟.. فإذا تاب على يديّ ليلى، فلننتظر ديواناً جديداً يمسح "القرف"، ولنبدأ جميعاً بأخذ "شعرة" من لحية شربل، لنصنع منها دواء عجيباً فيه السحر لكل المتربّصين".

والظاهر أن محمد زهير الباشا قد أعجب كثيراً بديوان قرف، لذلك راح يذكره كلّما اسودّت الغربة في وجهه، فلنقرأ ما كتب بتاريخ 13/2/1992:

"متى يتمّ الطوفان؟ ومتى تغسل النفوس والأبدان؟ وأرضنا العربيّة ماهرة بهزات البطن، وتموجّات السرّة، وقبض الدولارات على النهود والزنود وبريق الأظافر. فهلاّ ازداد تمسّكنا بالشعر لنهرب من أنواع "القرف".كل رسائل الباشا لشربل تنبض بالثورة، فتحسّون، وأنتم تقرأونها، أنها تنتفض بين أيديكم، لذلك يتوجب عليكم أن تمسكوا بها جيّداً، وإلاّ ستطير من بين أصابعكم وترتفع في الفضاء.

وصدّقوني إذا قلت: في أوّلها ثورة، وفي آخرها ثورة، والويل ثـم الويل لمن لا يمتهن إطفاء النار.. فقد تحرق الكلمات غابات قلبه، وتلهب شواطىء عينيه بجمراتها المشتعلة. وخير دليل على ذلك هذه النصيحة التي قدّمها لشربل بتاريخ 7/1/1996 حال إصداره مجلّة ليلى:"كل آمالي أن تبقى مسيرة المجلّة مزدانة بخط فكري واحد، ألا وهو الكشف عن مساوىء الطغيان أنّى وجد، وأن يكون ذلك الخطّ يحمل الدعوة إلى صحوة الفكر، وإلى تنوير الأذهان، لتتخلّص هذه النفوس من أدران الأجهزة وكلابها والمرتزقين".

ومن غير الباشا، المحترق القلب على فلذة كبده، يكتب رسالة مجلّة ليلى وأهدافها، ويختم الرسالة، التي دأبت المجلّة على نشرها في معظم أعدادها، بهذه الكلمات الثائرة:"لا علاقة لهذه المجلّة بأي سلطة، فهي ترفض التسلّط والتبعيّة والفئويّة، وتعتمد على مساهمة القرّاء ماديّاً أو معنويّاً".وبما أنني أكشف بعض الأسرار، ها أنا أخبركم أن الباشا، رغم كونه كاتباً بارزاً في مجلّة ليلى طوال مدّة صدورها، كان يدفع اشتراكه السنوي بالدولار الأميركي تشجيعاً منه لها، ودعماً لرسالتها التي هي رسالته في الأساس.

فتصوّروا عظمة هذا الأديب السوري المهجري الكبير. فبدلاً من أن يقبض ثـمن كتاباته، كان يدفع كي لا تنزلق ليلى كما انزلق غيرها من المطبوعات. فهل من رسالة أسمى من رسالة هذا "الباشا"، الذي يجمّل لقبه بدلاً من أن يجمّله اللقب.ولـم يكتفِ الباشا بكل هذا، بل راح يشدّ أزر شربل، كلّما أحسّ بتعب يتملّكه، أو بيأس يجتاحه، خاصة إذا كان الأمر متعلّقاً بمجلّته ليلى، وباستمراريّة صدورها، فلنقرأ ما كتب بتاريخ 6/12/1999:"تحيّة الشقيق للشقيق في عصر كثر فيه الإنشقاق والتزوير والنعيق، وبقيت وحدك تصارع أمواج الهمجيّة والتردّد، وإن الرسائل بيننا ما انقطعت لحظة، لأنك وصفحات المجلّة في أعماق النبض الذي صدّقك منذ أن تلاقينا بديوانك الأوّل فالثاني، وكثّر اللـه دواوينك الشعريّة، وأبعد عنك دواوين السياسة وترهاتها.. وقد أدركت يا أخي أن العمل في الصحافة يأكل الزمن، ويسلب الراحة، ويشد منك النظر إلى أسطره.. واهتمامك بأن المجلّة تنحو إلى الجديد وإلى التجديد، والأشهر تتوالى بخيوط الفجر، والأعداد تتوالى بنهاية كل شهر، وأنت واقف لا تستطيع أن تتغافل، أو تغفل عن مقدم شهر أو نصفه أو عِشْرِه. وكذلك عملي في الأكاديميّة يعيدني إلى غرفتي المتواضعة التي جمعت كل الأيّام الغابرة على بضعة رفوف. ولا أعتب على الغربة التي لجأت إليها، فهي الملاذ ولو كان على رصيف، تجمعك بمن احتمى، ومن استهوى وعشق التحرّر من القيود المصطنعة.

أخي شربل.. ثابر على المتابعة، المنهكة للقوى، وأنت فخور بهذه الأعداد التي تزيّن المقل حين تطلّ علينا مع البريد كل شهر. لا تيأس، واطرق أبواب المبدعين من كتّاب وشعراء وقصصيين، ليكن لديك كل مفتاح للخير، وللإبداع، ولكلمة الحق مهما صغرت".

ولنعرف ماذا تعني مجلّة ليلى للباشا، علينا أن نقرأ ما كتب عنها، ونشرته هي عام 1995:"ليلى.. صهوة أحلام مجنّحة. وهي خمرة الشعراء والوالهين، وابتسامة الجراح على شفاه المتعبين. أنشودة استلهمها الشاعر في امتداد غربته الطويلة، فكانت بوح الفل والنسرين في نقطة زيت باركها اللـه.ليلى في حروفها كخيل المتنبي. لا يجلّ الشاعر إذا لـم يبدع ولـم يتكبّر. وهي صهوة، وصراع ضد الجبروت. وهي عنفوان القمم والرمز المشتهى.ليلى.. لا تعرف شيئاً اسمه النكوص والهرولة والمستحيل، فهي الشمّاء أمام انحسار العهود المرسومة على مياه أوسلو".

وكما اهتمّ الباشا بأدب شربل، هكذا اهتم شربل بأدب الباشا.. فوفاؤهما لبعضهما البعض كان أقوى من غربتهما، والمعروف عن الغربة أنها تقضي على المثل الإنسانية، ولكنها عجزت عن القضاء على وفاء هذين الأديبين المصلوبين على جُلْجُلتيْ هموم الوطن وهموم الغربة. وإليكم ما كتب الباشا في 19/8/1993، إثر صدور الطبعة الثانية من كتابه شربل بعيني ملاّح يبحث عن اللـه:

"عدت إلى المغترب قبل فترة وجيزة، واكتحلت عيناي برؤية الكتاب عن الملاّح الذي يبحث عن اللـه والحقّ، ونبحث عنه كلّنا في هذه المعمورة، وهو في أعماقنا بسمة الحب، نغمة الوفاء، تجليّات قصيدة في موقع غزلي محترم.الإخراج الجديد جاء رائعاً، ولكنني ما زلت أحبّ ذلك الرسم على الغلاف القديم. وشكراً لك على جمع الكتابين في مؤلّف واحد. فأنت لست على استعداد أن تركن إلى ما يسمّى بالعربيّة: الإسترخاء. وما عودتنا الغربة الاسترخاء، رغم أهل الاسترخاء على كراسيهم، وأهل الاسترضاء يعزفون لهم سمفونيّات خلودهم على ظهر البسيطة. والكتاب الجديد بهذا الإخراج الجديد لا يسمح لنا بأي نظرة نحو الغفوة، وستبقى دفقات الشباب حيّة تدفعنا نحو المزيد من العمل، والحياة عمل، والعمل فنّ، والفن صعب المرتقى، والمرتقى درجاته تصل إلى اللـه. فمهما كرّرت لك شكري على هذه الخطوة فإنني أعتبر نفسي مقصّراً تجاه هذا الوفاء الذي افتقده أهل هذا العصر، ولعل كل عصر يفتقد الوفاء، إلى أن يأتي الشاعر أو النبي أو المفكّر، فيثبت أن الوفاء عنصر حيوي في حياتنا، لكننا في عصر باع أهله الحياة بدريهمات، وظنّوا فتح الشوارع وفاء للشعب، فأكثروا من الجسور، جسور الإسمنت والحديد، ليصلوا إلى كل بيت بسهولة، وأضاعوا جسر الموّدة والوفاء".إسمحوا لي أن ألتقط أنفاسي بعد هذه الموعظة الرائعة عن الوفاء، وأصرخ: حيّاك اللـه يا باشا وبيّاك.

فما من أديب حلّل الوفاء كما حلّلت. وما من إنسان أحسّ به وعايشه كما أحسست وعايشت.وفي نهاية الرسالة يقول لشربل:"أرجو أن أسمع وأقرأ ملاحظاتك عن المتنبي يجلو مقلتي نسر.

فما كان من شربل إلاّ أن صاح: شبّيك لبّيك.. قلمي بين يديك. وكتب مقالاً عن الكتاب شكره عليه الباشا بتاريخ 15/10/1993:"فقد سرّني أنك شاركتني بالفرح عن كتابي المتواضع المتنبي شاعر يجلو مقلتي نسر، شاكراً لك تفضّلك بنشر مقالك عنه في الجريدتين: البيرق والعالـم العربي. وقد أعجبتني أحكامك النقديّة على بساطتها، لكنّها عميقة الهدف، هيّابة لمن هو ذلك الشاعر المتنبي.

في تلك البساطة عفويّة قلمك الذي عرف الشاعر والشعر، وجرّب معاناته في ديوان يصدر إثر ديوان. حتى مناجاة علي وأللـه ونقطة زيت، والرب يحمي رعيّته. لا بد وأن لها من القدسيّة ما يشفي الجرح والندب والغربة. وتسألني: أأعجبك المقال؟.. كيف لا يعجبني وقد خطّ بيراعك وقدرتك ومهارتك. الكتابة تكون شعراً أو لا تكون. تكون نثراً أو لا تكون".

تساءلت مليّاً، وأنا أقرأ رسائل الباشا لشربل، لماذا لـم يزر هذا الأديب الكبير أستراليا، رغم الإحتفال التاريخي الذي أقيم له، ورغم منحه جائزة جبران العالميّة؟ وعرفت من بعض الرسائل أن وضع السيّدة نعمة الباشا الصحي، في ذلك الوقت، كان سيّئاً للغاية، ولقد توفّاها اللـه بعد مدّة قصيرة من وصولهما إلى أميركا، لذلك لـم يتمكن الباشا من المجيء إلينا، رغم الدعوة التي تلقّاها من شربل، وهذا ما فهمته من رسالته المرسلة بتاريخ 21/2/1989:"وكم قرأت في عينيّ أم البنين الدموع والفرح معاً في رسالتك، وأنت تدعوها إلى بيتنا في أستراليا".وفي اليوم الأول من عام 1992، أرسل الباشا لشربل هذه الرسالة المشحونة بالثورة:

"سررت لأن كتابك الجديد مناجاة علي قد ترجم إلى عدّة لغات، وأتمنى أن يترجم إلى "العربيّة"، فيفهمه قراؤه العرب قبل غيرهم من العجم.هدفك في الكتاب: المحبة ونشرها، واللقاء باللـه وحده. فهل إلى هذا السبيل نحن سائرون؟.. ألـم تسمع صرخة خليل الكافر لجبران خليل جبران، وهو يصرخ داعياً الربّ بأن يمنح الأرض الحريّة والعدالة؟سيبقى شرقنا منكوداً بطائفيّة تمزّق، تشتت، تقتل، تفني، تنحني لربّها. وأصبح لكلّ طائفة ربّ وأرباب، فمتى نتخلّص من هذا التعصّب والتزمّت؟.. وما قلت لك كفيل بأن يحيل هذا الصراع إلى مستنقعات ملأى بالمهرّبات. وويل لأمّة تبحث عن سكاكين تمزّق أوصالها، بدلاً من أن تشحذها للدفاع عن وجودها."ألا تعتقدون مثلي أن رسائل كهذه يجب أن تنشر؟. فواللـه واللـه إنها تحتوي على درر أدبيّة لا تقدّر بثـمن.

وأعتقد أن رسائل الباشا إلى شربل تحمل من الألـم والحزن والصدق القوي، أكثر مما تحمله قصائد الخنساء لأخيها صخر، والمتنبي لسيف الدولة الحمداني. وكلّما أردت التوقّف عن لعبتي "أنا أعمى ما بشوف"، كلما وجدت نفسي مشدوداً إلى القراءة أكثر.عام 1988، أطل على أدبنا المهجري في أستراليا، وللمرّة الأولى، كتاب الأديب السوري الكبير محمد زهير الباشا شربل بعيني ملاّح يبحث عن اللـه، وقد صدرت منه طبعتان، الأولى عام 1988، والثانية عام 1993.الكتاب أحدث ضجّة إعلاميّة في أستراليا وأميركا ولبنان وسوريا، فكتبت عنه الصحف والمجلاّت اللبنانيّة والسوريّة والمهجرية.

وأقيم لمؤلفه أكبر احتفال تكريمي شهدته المهاجر كافّة، وأعني ما أقول، دام يوماً كاملاً، وسمي بثلاثة أسماء خالدة: الأول "يوم محمد زهير الباشا"، والثاني "يوم الأدب المهجري"، امّا المحتفى به فقد أطلق عليه الإسم الثالث "يوم لبنان".قسّم الباشا دراسته عن شربل إلى فصول عدّة، شرح فيها مراهقة شربل بعيني: شعراً وديمومة، وجنون شربل الذي يبحث عن العقل في ديوانه مجانين، كما غاص في عالـم شربل الداخلي ليلتقط بيديه الجبّارتين قوس قزحه، وليصل إلى استدارة التوهّج في فنّه. أما الإهداء، فكان لتلك "النعمة" التي رافقته على دروب الحياة، وجعلت الوفاء حبّاً ومثالية وحقيقة في ظلّ عينيها.

فمن هو هذا الأديب السوري، المغترب الآن في الولايات الأميركيّة المتحّدة، الذي أهدى لبنان يوماً مخصّصاً له، ضارباً عرض الحائط بكل الأسماء التي أطلقت على ذلك اليوم الأدبي الرائع، فجيّر مجده واسمه للبنان. وهل يحلو للباشا، يومذاك، مجد أو أبهة أو تكريم وشعب لبنان يتذابح على الهويّة.. بالطبع لا؟!.. وصدّقوني أن الباشا قبل أن يكتب في دراسته كلمة واحدة عن شربل، كتب كلاماً كثيراً عن لبنان، ومن هذا الكلام أنشر ما يلي:"أليس غريباً أن نكتب في تاريخ لبنان وسواحله الدموية مشحونة بالحقد والبغض والكراهية والأوهام، فكثر السماسرة وأدعياء الإخلاص..هذه الصخرة ـ لبنان ـ يجب أن تقسو على أعدائها.. لا على أبنائها.وازدادت الصخرة عبودية الإنسان للإنسان، وبعد.. فلا بد من أن يعود لبنان إلى الإعتزاز بتاريخه ومساهمات الحقيقة، دون التخلّي عن نسيان هذا الواقع وبصماته المحفورة في ذاكرة التاريخ.. لا بدّ من أن يعود..".

وها هي أمنية الباشا تتحقّق ويعود لبنان تدريجيّاً إلى سابق مجده وتألّقه، وإلى الإعتزاز بتاريخه.. وقد لا أغالي إذا قلت: إن هذا الوطن الصغير قد علَّم أعداءه درساً لن ينسوه، يوم حرَّر جنوبه بسواعد فتيانه الأبطال.. كما أنه أعطى درساً في التحرير للعديد من الدول العربيّة.ولكي تتعرّفوا على هذا الأديب السوري المجنون بحبّ لبنان وشعبه، أنقل إليكم بتصرّف بعض المعلومات المنشورة على غلاف الطبعة الثانية من دراسته:ولد محمد زهير الباشا في دمشق، ولكنه أهدى بيروت أنضر سبع سنوات من عمره، ومن هنا نقدر أن نفهم سبب "جنونه" ببلد الأرز.

يحمل إجازة في الآداب من جامعة دمشق ـ قسم اللغة العربيّة. عمل رئيساً للمركز الثقافي العربي في مدينة درعا، ورئيساً لدائرة الرقابة على المصنّفات الفنيّة والإرث الثقافي، ومعاون مدير المركز الثقافي في دمشق. مارس مهنة التدريس في الكويت والجزائر، وكتب "أبجديّة الأسبوع" في الثقافة السوريّة، "ونقطة ضوء من حبر" في مجلّة ليلى المهجريّة التي كان يصدرها شربل.

ذكرت هذا، ليعرف القارىء عمّن أكتب، ومع من أتعامل.. فالباشا سيّد كلمة ورجل موقف، ومن هذه السيادة وهذه الرجولة أعدّ دراسته عن شربل بعيني.. ولأبعد عنكم وعنّي عمليّات الإستشهاد والقراءات الطويلة، سأطلعكم على جملتين تختصران الدراسة بأكملها، وردتا في الصفحة 95، شرط أن تقرأوهما بتأنٍ بالغ:"في ديوان الشاعر شربل كيف أينعت السنابل؟ يحارب التهمة المهيّأة المتوفّرة لكلّ مواطن.. ولكل مواطن تهمة تتوافق مع حجمه ووزنه وأمواله.."فهل من كلامٍ بعد هذا الكلام؟.. أترك الجواب لكم.

ورغم شموليّة دراسته عن شعر شربل، لـم يكتفِ الباشا بها، بل راح يواصل التنقيب، وينشر ما ألهمته مخيلته من نقد أو تقريظ في الصحف المهجريّة والعربيّة. وأجزم أن المقالات التي نشرها عن أدب شربل بعيني قبل وبعد صدور الدراسة، لو جمعت، لأعطتنا دراسة "زهيرية" أخرى، تغني أدبنا المهجري بفنٍ نقديٍّ لا يعلى عليه، لغته شامخة، وأسلوبه مدرسة. فلقد تمكّن الباشا من استنباط الخيال الشعري عند شربل ليرمي بين أيدينا الحقيقة المجرّدة.عام 1987، وقبل صدور الدراسة، كتب الباشا في زاويته الشهيرة "أبجديّة الأسبوع" التي كانت تنشرها الثقافة السوريّة، ما يلي:"شربل بعيني يثبت لنا في أزجاله أنه في البدء كان الشعر مراهقاً، وكان الوجدان خصباً، والغزل دون مُراهَقَةٍ ومُرَاهِقَةٍ مثل منقار عصفور يحمرّ خجلاً من عندلة جارته، دون أن يقوى على المشاكسة وفعل.. الغناء.

زجله يشعر، يحسو من العتاب، فلا تذبل الآهات، ويفرفح القلب وهو يرسم الحلم على جناح التنورة "الْـ مُشْ لاحِقا تِقْصِير". ويتأوّه من القلوب الحاقدة المنافقة التي تودّ أن تشعل الغزل ليكون رماداً، أو يتخيّله العشّاق سراباً يتفاعل بأعجوبة مع كل صوت، وكأنّه ضحكة الحسّ في اللهفة المتعبة.والأخطل الصغير وشربل بعيني وكل من عشق الجمال وما زال، وأهل القلم والوتر واللون يذوقون الحبّ ويتذوّقونه مرّتين.. مرّتين".

وعام 1989، وفي جريدة الأمة الأميركيّة ـ العدد 11، كتب الباشا بعد صدور دراسته بعدّة أشهر ما يلي:"تعلّم الشاعر شربل أن الصبر ليس حزناً وقهراً، فمنحته هذه المواقف آفاقاً جديدة، وأبعد عن نفسه ضغوطاً من ذكريات أليمة، وتطلّع إلى الكلمة الشعريّة يبني من تفاعلاتها شعراً فصيحاً بلغة سليمة طيّعة، ويستلهم من ربى لبنان زجلاً أخضر اشتهر به ميشال طراد، وإيليّا أبو شديد، وغنطوس الراسي وسواهم..وبقراءة سريعة بين دفتي ديوانه كيف أينعت السنابل؟ نسمع صرخات الشاعر، وكأنها الجرح الخطير والنزيف في ظلمة الليالي وهو يخاطب السادة المحقّقين. فمن قصيدته "إسمعوني جيّداً" نتلمّس كيف سارت نبضات الشاعر وراء الأمل وهي الأمل".محمد زهير الباشا يبحث عن الأمل، فلا يجده إلاّ بنبضات شعر شربل بعيني، ويتمنّى لو أن كلّ الشعراء كتبوا للناس، لمعاناة الناس، لحزن النّاس، ولأوجاعهم، لتمكّنوا من تحويل هذه الأرض إلى جنّة، ولأرجعوا للشعر أبهته ومجده.. ولكن، وهذا ما يزعج الباشا، نجد أن معظم الشعراء يهذون وهم يكتبون، غير عابئين بمشاعر القرّاء، الذين بدأوا يلعنون الشعر والشعراء، ويبتعدون عن قراءته، ولهذا تحجم معظم دور النشر عن إصدار الدواوين الشعريّة لأن لا قرّاء لها.

وما صرخة الباشا عام 1988، في زاويته "أبجديّة الأسبوع"، وهو يناجي الشعر إلاّ دليل ساطع على صحّة ما ذكرت:"يا شعر، لا تجعلني ناقداً، ولا شاعراً إلاّ بما أحسّ، بما أفكّر. فالنقد اليوم غاطس في مستنقع الرجاء. والرجاء حبل طويل يمتدّ من المطبعة إلى السّحب.. والشعر، اليوم، يمرّ في أسواق الأعراس، والرقص على الأوتار المتقطّعة لا يجدي ولا يمتع.لا تقل لي يا شعر إنّك سنديانة من كرمة ومن خوابي النواسي ترتوي. لا تتحدّث يا شعر عن ذاتك وأنت ضائع لا تفرّق بين خفقة صدق، وإبداع تجربة، ومعاناة بحّار تائه في أمواج الظلمات، كالشاعر شربل بعيني، يبحث عن اللـه. يا شعر، متى تستيقظ من كهف التحنيط، لتشتري لبناً فيعرفك الناس. أنت ميت بثوب حي!!".ومن هذه المناجاة نقدر أن نفهم لماذا كتب الباشا دراسته الخالدة شربل بعيني ملاّح يبحث عن اللـه، فالشعر بنظره إذا لـم يستيقظ من كهف التحنيط، ويشتري بدراهمه خبزاً ولبناً كي يعرفه الناس، يبقى ثرثرة فارغة، يُضحك القارىء ويبلبل أفكاره، بدلاً من أن يأخذ بيده كي يقطع نهر الحياة الجارف من ضفّة الخنوع والإستعباد إلى ضفّة الحريّة والعيش الكريم.وأعتقد جازماً أن الباشا ما كان ليكتب دراسته الشهيرة عن شربل، لو لـم يجد في أشعاره بلسماً لجراحه، ومُتنفّساً لبراكينه النفسيّة والأدبيّة.. أو بكلام أوضح، لو لـم يجده على صورته ومثاله: ثورة

وهذا ما اكتشفه الصحفي جوزاف بو ملحم قبلي بسنوات حين قال في يوم "محمد زهير الباشا":"لا أدري لماذا أطلقت حكمي باكراً على دراسة الاستاذ محمد زهير الباشا، فقلت للشاعر شربل بعيني: يبدو لي أن الباشا يكتب عن ذاته ومأساته، وإن كان يستشهد بأشعارك".وصدّقوني أن عظمة الأسلوب النقدي عند الباشا تكمن في تسخيره كل ما يقع عليه نظره، وما يستسيغه فكره، من أجل دعم حريّة أبناء شعبه.

فالثورة التي تتفجّر بداخله ستصبح بركاناً هادراً متى انضمت إليها ثورات شعراء وأدباء آخرين، كشربل بعيني، من أجل إنقاذ الإنسان العربي من أخطبوط قاتل، يمتص دمه، ويرميه على قارعة الطريق، دون أن يتجاسر جارٌ أو صديق.. ويودعه الثرى.الباشا ثائر مجروح، لـم تتمكن منظّمة حقوق الإنسان من تضميد جراحه، وشربل شاعر ثائر، فأين العجب إذا التقيا، وتسامرا، وتحابّا، وتعاضدا، بغية إنقاذ إنساننا العربي من أخطبوطه القاتل؟

عام 1990، نشر الباشا دراستين طويلتين عن ديوانيْ شربل معزوفة حب وأحباب، الأولى في الثقافة السورية الصادرة في 25/8/1990، والثانية في البيرق المهجريّة ـ العدد 247، فكتب في الأولى:"الحب عند شربل ترحال وسفر، يود أن يستمسك بكل اللحظات الهانئة في غزله، ويطلق عليها لحظات التوازن الذاتي. لكنه مع الحب يترك للذات عنانها، فلا تعرف معنى للتوازن المستقل، وهو يعزف اللحن الأبدي على قيثارة هواه، فجاء غزله عزفاً، وعزفه غزلاً مباحاً يتهرّب به عن طريق العزف عن إباحة النبضات الصارخة بالجسد والشهوة.. ويحاول ستر النبضات بحرف، بغمزة، بهمزة، وقد تفجّرت لديه الطاقات المبدعة، فجسّد حساسيته على أرض الغربة ديواناً إثر ديوان، بل قل غزلاً ملتزماً بالحب، وحبّاً ملتزماً بمن تغنّي معه، وتنشد معه كل آهات الحبّ، فكانت معزوفة حب ابتهالاً بالدهشة يشحذ بها الذكريات بحروف زجليّة، فهو لا ينسى أن لا ينسى".

وقال في الثانية:"المودة بين الأخيار والأصفياء متينة عراها. الوفاء بعض من سماتها. وليس سهلاً أن يمتلك الشاعر أسرار النفس البشريّة، ويصل بها إلى إدراك مفاتيحها. فكيف إذا كان لا يجد سوى الحبّ نبراساً في هذه النفس. والشاعر شربل امتلك القدرة على النظرة الشموليّة في هذا الكون، وامتلك مفاتيح النفس البشريّة، فلا كون دون حب، ولا شعر دون أحباب، ولغة الحب والأحباب لا تفرّقها لغة السياسة، وكأن السياسة تحرّم الصدق، وتمنع الحبّ، وتصنع للنفس مفاتيح مزيّفة".صدقت يا ابن بلدي، يا ابن الباشا، فلا كون دون حبّ، ولا شعر دون أحباب، واسمح لي أن أضيف إلى كلامك الرائع عبارة مستوحاة مما قرأت لك، ومفادها أن لا نقد دون محبّة أيضاً. وهل أسمى من محبّتك؟.. هل أكبر من قلبك؟.. وهل أشرف من قلمك؟.. بالطبع لا، فلقد منحتك الحياة قوّة وخبرة وعظمة أنّى لأحد غيرك امتلاكها.

والآن أتكركم مع مختارات من كلمة محمد زهير الباشا التي ألقاها المربي المرحوم فؤاد نمّور نيابة عنه، في "يومه" الأدبي الخالد:"أيها الحفل الكريم..اسمحوا لي أن أتطفّل على برنامجكم بهذه الفقرة، بكلمة هي "أنتم ونحن وكلّنا". أنتم بالحضور، وأنتم بالغياب، وبموافقتكم على السماح لي بنسبة اعتدنا على تردادها، وهي 99،99، نسبة هي السحر، هي الحريّة المستباحة، ونسوا أن الحريّة هي الرب. بهذا علّمني أخي شربل.. حرّك فيَّ مواجع المراهقة، واهتاج الشجن، وأينعت السنابل في فرحة العمر، والعمر مسحة من نقطة زيت، ونسينا أن الربّ وحده، ولمّا كنا معه، كان معنا في فرحة الكلمة، والكلمة عمر..نحن على اليابسة، وعلى جزيرة الإعتقالات، صرنا في سيدني في جزيرة الأحرار، نحن الهاربون بجلودنا، وقد تلوّنت وزخرفت بالإيديولوجيّات المذهبيّة الحالمة. نحن مشرّدون.. ندّعي ممارسة الديمقراطيّات. نحن في أقاصينا نروي أن الجبن ليس منّا سماته. ويأتينا الظلم كالفأس الحادّة بيد جار، بيد مثقّف، بيد أخ قرأ غير ما قرأت.

والأرزة سجينة، تنسج قصيدة الدهر على جبين الأتقياء الذين اتقوا البرد بأنفاسهم، ولـم يعرفوا بعد من يحرق أغصان الياسمين في كل عرس. من يجعل العرس بطاقة طائرة هاربة إلى باريس، موغلة بين النجوم إلى سيدني، مبحرة نحو الأطلسي وأرض كولومبس. والمهاجرون بلا أنصار.. في صلاواتهم نسوا كأس الخمرة، ذلك أن العرس ـ الهروب ـ في أعماقنا صلاة مشتهاة. هروب من جحيم الوطن إلى جحيم الغربة.إسمعني أيّها الربّ يوم أقول لأخي، لظلّي: تعارضني أقبلك، تخاصمني أرحمك.. تنظر إليَّ أحبك.. تقع على الأرض أحميك بجسدي من سكاكين أصدقائك.طوبى لمن آمن بي ولـم يرني.. يومها تزهر الأرض، تفرح الأرض وتزهو.

صنين، يومها، يصرخ في أوجه الرعود. يومها، يوم لبنان، يوم نسير جميعنا فوق سطح الماء، نبرىء الأبرص والأعمى. يومها، نحيي الموتى. فملاّحنا شربل بعيني يبحث عن اللـه، وكلنا نبحث عن اللـه في أعماقنا.. فتفرح الأفئدة بيوم لبنان، يوم التحرّر والحريّة، ولعلّي أعثر على ظلّ تحت فرع أرزة وأتلو أدعيتي

هدية محمد زهير الباشا للأدب المهجري في أستراليا







أهدى الأديب السوري الكبير محمد زهير الباشا الأدب المهجري في أستراليا أول دراسة تكتب عنه، بعنوان: شربل بعيني ملاح يبحث عن الله. وقد صدرت منها طبعتان.. وسيدرك كل من يطالع رسائله إلى شربل بعيني أن الباشا يفضل غلاف الطبعة الأولى، نظراً لما فيها من إيحاء فني لمضمون الكتاب.


الدراسة لم تنشر بعد بطريقة إلكترونية، نظراً لطباعتها قبل انتشار الكومبيوتر بهذا الشكل المذهل، ونعد قراءنا بأننا سنقوم بإعادة صفها حسب النمط الالكتروني المتبع، حتى ترى النور للمرة الثالثة بإذن الله.